الشهاب الثاقب
الشهاب الثاقب
هذه رِسَالَةُ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ، للعارف بالله سيدي الشيخ محمد عثمان سراج الدين رحمه الله وأعلى مقامه آمين.
هذا الكتاب هو إعادة كتابة رسالة الشهب الثاقبة، رجاء انتفاع الناس بها، مع ضبط كلماتها حسب ما تيسر وظهر لي، مع التنبيه إلى أني لا أعلم هل كان مؤلفها أملاها حرفا بحرف باللغة العربية، أم استعان بكاتب كما بلغني أنه فعل عندما أراد تأليف كتابه “سراج القلوب”، فليستحضر القارئ ذلك عندما يرى بعض التعابير التي ربما تكون أقرب إلى لهجة بلاد المؤلف رحمه الله، وكذلك إذا وقع على تعبير غير دقيق أو موهما غير الصواب.
وقد رأيت أن أنشر هذا الكتاب، وإن لم أعمل على تحقيقه كما ينبغي، ولم أعلّق على كل مستغلق، خشية حضور الأجل قبل ذلك، ولعدم أهليتي لتوضيح غوامض هذا الكتاب، نسأل الله تعالى أن يرضى عن مؤلفه، ويرفع مقامه، ويحشرنا وإياه تحت لواء حبيبه محمد عليه الصلاة والسلام.
والشكر للأخوين الفاضلين اللذين أعاناني على تجهيز هذه الرسالة للنشر.
أبو الطيب يوسف بن عدنان المناوي
أَهَمِّيَّةُ رِسَالَةِ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ
هذه الرسالة اشتملت على مباحث في التوسل والاستعانة بالأسباب، إبطالا لما يزعمه بعض الغلاة الذين يكفّرون المسلمين الذين يتوسلون إلى الله بنبي أو ولي.
وقد بيّن مؤلفها رحمه الله، بالأدلة القاطعة التي لا ينكرها عاقل، أن كل إنسان يتخذ أسبابا، ويستعين بها في حوائجه الدنيوية والدينية، وأن من زعم التجرّد عن الوسائل والأسباب، مكابر معاند لما هو معلوم بالضرورة من حال كل إنسان – سواء كان مؤمنا أو كافرا.
فمن قرأ هذه الرسالة، وأصرَّ على تضليل المسلمين الذين يتوسّلون إلى الله بالأنبياء والأولياء، فهو إما معاند غير منصف، أو يعطّل عقله ويقدّم تقليد ما تلقَّفه عن مشايخه من البدع.
يوسف المناوي
تنبيه مهم
قبل أن تطالِعَ رِسَالَةَ الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ، ينبغي أن تكون على علم بضروريات العقيدة، ومن ذلك معرفة ما يجب لله عزَّ وجلَّ وما يجوز عليه وما يستحيل عليه، ومعرفة الفرق بين الأنبياء والأولياء وبين المعجزة والكرامة، ويمكن ذلك بدراسة متن السنوسية أو ما يقوم مقامها.
كما ينبغي أن تكون على استحضار أن هذا الكتاب ليس للمبتدئين، وأن فيه تعابير ومصطلحات صوفية، لا يعرف حقيقة المراد بها من لم يصل إلى ذلك بالصفاء وتنوير القلب، بالطاعات ثم بفتح من الله، ولا يمكن فهم حقيقة المراد من تلك العبارات بمجرّد المطالعة في كتب القوم، فليس الخبر كالعيان، وليكن في بالك قول سيدنا إبراهيم: (رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) وقول عُزير: (أنَّى يحيى هذه الله بعد موتها)، انظر القصة في سورة البقرة وقوله: (فلما تبيّنَ له قال أَعلمُ أن اللهَ على كل شيء قدير).
ومن المعلوم لكل عاقل أن الملذَّات لا تُدرَك بالوصف بل بالإدراك بالذوق، وكذلك المعاني الوجدانية التي يتكلم عليها الصوفية، لا تُدرك بالمطالعة بل بالمجاهدة.