زجر الفسقة الأغبياء عن افتراء الانتساب إلى خير الأنبياء

زجر الفسقة الأغبياء عن افتراء الانتساب إلى خير الأنبياء . يمكنكم تنزيل الملف من الرابط هنا

استغل كثير من الناس الانتساب إلى بيت النبوة للتفاخر ولمقاصد سيئة، فرأيت من النصح أن أكتب هذه الرسالة المختصرة، لعل من في قلوبهم مثقال ذرة من خشية الله (من الذين ادعوا النسب الشريف زورا وبهتانا) يتوبون إلى الله، ويعلنون أنهم ليسوا من الأشراف، ولعلهم ينبهون أبناءهم إلى ذلك، ويتلفون شهادات الزور التي اشتروها لكي يتنسبوا إلى غير آبائهم. وهنا أذكرهم بقول الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، [الأحزاب:5]

28 تموز عَامَ 2017 أَبُو الطَّيِّبِ يُوسُفُ الـمُنَاوِيُّ

سِلْسِلَةُ رَسَائِلِ إِصْلَاحِ الـمُجْتَمَعِ

الرِّسَّالَةُ الخَامِسَةُ

زجرُ الفَسَقَةِ الأَغبِيَاءِ
عن افتراءِ الانتِسَابِ إلى خيرِ الأنبياءِ

دَارُ الإِمَامِ عَبدِ الرَؤُوفِ الـمُنَاوِيِّ

أَبُو الطيِّبِ يُوسُفُ بنُ عَدْنَانَ الـمُناوِيُّ
خِرِّيجُ كُلِّيَةِ الإِمَامِ الأَوزاعِيِّ في الدِّراسَاتِ الإِسْلامِيَّةِ

الطَّبْعَةُ الأُولَى
1438 هـ – 2017

عَمَلًا بِأَحْكامِ الشَّرْعِ الإسْلامِيِّ
حُقُوقُ الطَّبْعِ لَيْسَتْ مقصورةً على الـمُؤَلِّفِ ولا النّاشِرِ

لا يُمْنَعُ أحدٌ مِنْ إعادةِ نَشْرِ هَذِهِ الرَّسَائِلِ وتَصْويْرِها وطِبَاعَتِهَا وتوزيعِهَا
ولَوْ لِأَغْراضٍ تِجارِيَّةٍ شَرْطَ الأَمَانَةِ في النَّقْلِ

لِمَنْ أَرادَ مُراسَلَةَ الدَّارِ أو الـمُؤَلِّفِ
almunawi@hotmail.com

وأرجو ممن عنده تصويب أو نصيحة أو اقتراح أن يراسلني على الإيميل المذكور
بَيَانُ الْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلى تَأْلِيْفِ هَذِهِ الرِّسَالَةِ
هذه رسالة كتبتها على عجل في مجموعة مشاركات على صفحتي في الفيس بوك، ثم رأيت أن أجمعها في رسالة، لكي أنشرها ويعم بها النفع، فإن انتساب الشخص إلى غير أبيه من الكبائر التي توجب لعن فاعلها.
فاقتضى -كتابتي هذه الرسالة – كثرةُ المنتسبين إلى أهل البيت زورا، أو بدون بينة معتبرة في الشرع، أو بسبب التوهم، لأن اسم عائلته يماثل اسم عائلة أخرى من الأشراف في بلد ما، فيظن أن عائلته أيضا من أهل البيت.
وقد استغل كثير من الناس الانتساب إلى بيت النبوة للتفاخر ولمقاصد سيئة، فرأيت من النصح أن أكتب هذه الرسالة المختصرة، لعل من في قلوبهم مثقال ذرة من خشية الله (من الذين ادعوا النسب الشريف زورا وبهتانا) يتوبون إلى الله، ويعلنون أنهم ليسوا من الأشراف، ولعلهم ينبهون أبناءهم إلى ذلك، ويتلفون شهادات الزور التي اشتروها لكي يتنسبوا إلى غير آبائهم.
وهنا أذكرهم بقول الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، [الأحزاب:5]، فقد حرم الله التبني، وحرّم انتماء الرجل إلى غير أبيه ، وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي ذرٍ رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من رجلٍ ادَّعى لغير أبيه وهو يعلمُه إلاَّ كَفَر. وقوله صلى الله عليه وسلم: إلاَّ كفر، قال النووي: فيه تأويلان، أحدهما أنه في حق المستحلِّ، أي مَن استحل فعل هذا مع علمه فقد كفر، الثاني: أنه كُفر النعمة والإحسانِ وحقِّ الله تعالى وحقِّ أبيه. اهـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
سِلْسلةُ رسائِلِ إِصلاحِ الـمُجْتَمَعِ
الرسالةُ الخامسةُ: زجرُ الفَسَقَةِ الأَغبِيَاءِ، عن افتراءِ الانتِسَابِ إلى خيرِ الأنبياءِ.
صرنا في زمن وكأن نصف الأمة العربية إضافة إلى مئات الآلاف أو الملايين من الأعاجم هم من ذرية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.

ولا شك أننا نسعد بكثرة الذرية الشريفة، ولكن الواقع يقول إن كثيرا ممن ادعوا النسب الشريف هم كاذبون عمدا – أو متوهمون.
فقد تصدَّرَ توثيقَ الأنساب تجارٌ يبيعون شهادات زور بانتساب من أراد إلى أهل البيت. وتوارث ذلك الأبناء عن الآباء.

ولكن ما هي المخاطر المترتبة على الانتساب زورا إلى آل رسول الله عليه الصلاة والسلام؟
قال الشيخ مصطفى البكري في ألفية التصوف:
ولعنُهُ لمن إلى الغيرِ انتسبْ • دونَ أبيهِ جاءَ، فاحذرِ العَطَبْ
فالانتساب إلى غير الأب هو من المحرَّمات القطعية التي ورد لعنُ فاعلها، فكيف يجرؤ هولاء الفسقة بأن يلصقوا بالنسب الشريف من ليس منهم؟

ثم تجد كثيرا من المنتسبين إلى العترة الطاهرة يفتخر بنسبه عند خصومة أو عداوة أو جدال في أمور علمية أو قضايا شرعية، ويضمِّن كلامَه عباراتِ الفخر بالانتماء إلى أشرف الخلق، وكأن هذا حجة على أنه على حق، أو كأن انتسابه إلى النبي هو الميزان في التفضيل بين المؤمنين، وقد غفل عن الحديث الشريف: إن أولى الناسِ بي المتقون، [رواه الإمام أحمد في مسنده]، بل غفل عن قول رب العباد: إنَّ أكرمَكم عندَ الله أتقاكُم.

نعم نحن لا ننكر بركة وشرف النسب الشريف، ولكنه ليس أداة يُتوصَّل بها إلى التعالي على الناس وليس حُجَّةً لك في مقام الخصومة على أنك على حق، وليس مدعاةً لك لتقول أنا أدافع عن دين جدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالمسلمون في الدفاع عن دين الله سواء، بل ربما يكون الذي تخاطبه أشدَّ حرصا على تعاليم (جدِّك) إن كان نسبك ثابتا.

ثم لعلكَ لا تجد في الصالحين من كان يقول في مقام الخصومة أو الجدل أو الخلاف: (جدي رسول الله)، لكي يرجِّح كِفَّته على مَن يجادله أو يخاصمه. ولكنا في زمن كثر التفاخر والتعالي باسم الدين وباسم النسب الشريف، فتظهرُ أنت إن اختلفت مع أحد هؤلاء وكأنك تُعارض بيت النبوة!

ولكن كيف ينبغي أن يكون الشريف إن قيل له: (أنت من آل رسول الله)، أو قيل له: (أنت من الأشراف)، أو قيل له: (هنيئا لك، جدُّك رسول الله) عليه الصلاة والسلام؟
إن قيل لك ذلك، فينبغي أن تخجل من نفسك وتقصيرك وأن تخفض بصرك إلى الأرض حياء من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن تكون أشد خشية وأشد خجلا لتقصيرك فيما فرض الله عليك على لسان (جدِّك) أو لتقصيرك في السُّنن التي حثَّك (جدُّك) عليها.
لا أن ترفع صوتك على الملأ وتقول: (بجاه جدي رسول الله)، أو: (يا جدي يا رسول الله)، أو: (نهدي ثواب الفاتحة إلى جدي رسول الله) عليه الصلاة والسلام.
فما الفائدة التي ترجوها عندما تفتخر على الملأ بأنك من الأشراف، إن كنت منهم؟
هل مرادك أن تتواضع وتكسر نفسك وتُعَلِّم مَن حولَك التواضع؟
أم مرادك أن تُعَلِّم الناس أن يقتدوا بك لأنك فرعٌ من السُّلالة الطاهرة التي أذهب الله عنها الرجز وطهَّرها تطهيرا؟

هذا إن كنت على حق في انتسابك الى أشرف الخلق. وأما إن كنت كاذبا مدَّعيا، أو ورثت شهادة الزُّور عن أبيك أو أحد أجدادك، فكيف تجدُ نفسك بافتخارك على غيرِكَ وربما يكون بينهم أشرافٌ من ذرية النبي عليه الصلاة والسلام، لم تَطِبْ نفوسهم الطاهرةُ بأن يتبجَّحُوا مثلك، ومنعهم الحياءُ – لتقصيرهم – من أن يقولوا للناس: (نحن من أهل البيت).

ثم هناك مصيبة كبيرة أخرى، وهي مبنية على اعتماد بعض الناس على أن بعض العلماء قالوا: إن ذرية النبي عليه الصلاة والسلام لا يدخلون النار، ولا بد أن يموتوا على الإيمان.
ولا أريد هنا ان أتكلم في نفي هذا الرأي ولا تأييده، ولكن أريد أن أنبه إلى ما يَنْبَنِي عليه عند من يتوهمون أنهم من أهل البيت، بل وعند كثير ممن يثبت أنهم منهم.

إن ضعاف النفوس سيخيِّل إليهم شياطينهم وأوهامهم أنهم من أهل الجنة، ولن يعذبهم الله على شيء، فيقعون في الأمن من مكر الله، ويسهل على كثير منهم الوقوع في الذنوب حتى الكبائر والموبقات، وسيؤجلون التوبة من المعاصي، ولا ترى الواحد منهم يخشى الله إن ظلم إنسانا ودعا عليه المظلوم، أو إن قال له: لا أسامحك، لأنه بشَّر نفسه بالجنة، واعتقد أن كل ذنوبه مغفورة.
ولكن فاته أنه قد تطول حسرته إن تبين له يوم القيامة خلافُ ما ظنَّه، وعرف أنه غرق في الفسوق اعتمادا على نسبٍ غير ثابت، أو تبيَّن له أن قول الذين قالوا: إن أهل البيت لا يدخلون النار لَيس على عمومه (إن افترضنا ذلك).
ولطالما تعجبت من أفعال بعض من يقال إنهم من الأشراف، ومنهم من يجاهز بالكبائر والفواحش، ولكني لا أجرؤ على التشكيك في نسبهم – إلا إن كانت عندي بيِّنة – خوفا من الوقوع في الطعن في الأنساب وهو من المحرمات، فأسكت عن التشكيك في نسبهم، وأترك أمرهم الى الله، وليحمل من انتسب إلى غير أبيه وعشيرته إثمه، وليحملِ النسَّابون مسؤولية إصدار شهادات النسب التي كثر فيها التزوير وعدم التثبت.

واعلم أخي القارى أن توافق اسم عائلتك مع اسم عائلة من الأشراف لا يعني بالضرورة أنك من أهل البيت، فكم من عائلة يتوافق اسمها مع عائلات أخرى لا رابط بينهم.
وقد سمعت قصصا عن إلصاق بعض المشاهير بالأشراف، وقصصا عن بعض رؤساء الدول كذلك، ولكني لا أجرؤ على التحدث بذلك خشية الخطأ.

بل إن بعض من تصدَّر بعض نقابات الأشراف يوجد شك في ثبوت نسبهم بناء على كلام أهل العلم والاختصاص، فكيف يؤتمن مثل هؤلاء على إعطاء شهادة نسب لأهل البيت؟
وفي المقابل هناك مصيبة أخرى وهي أن بعض المنتسبين للعترة الطاهرة يشككون في نسب بعض أكابر الأولياء الصالحين، كما فعل بعضهم في حق سيدنا عبد القادر الجيلاني، وفِي حق سيدنا أحمد الرفاعي، وكما توهَّم بعضهم في حق شيخنا الشريف محمد عثمان سراج الدين النقشبندي، رضي الله عنهم وحشرنا معهم، ولولا خشية الإطالة لذكرت التفاصيل.
ولو أن هؤلاء الأكابر لم يثبت نسبهم كما يدَّعي المشككون المتوهمون، لما ضرَّ أهل البيت، لأن هؤلاء مفخرة لأمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.

فليخسأ من يطعن في نسب الأكابر، ويلصق نفسه بدون دليل بالعترة الطاهرة، ويفتخر بذلك في مقام الترفع على عباد الله.
ومن أحب أن يرى الفرق بين أهل البيت وبين من ينتسب إليهم زورا، فلينظر إلى تواضع سيدنا أحمد الرفاعي، وليقارن كلامه وأفعاله بكلام أدعياء النسب الشريف.

وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَـجْعَلَ هَذِهِ الرِّسَالَةَ خَالِصَةً لِوَجْهِهِ الكَرِيـمِ، وَأَنْ يَنْفَعَ بِـهَا كُلَّ مَنْ قَرَأَهَا أو نَشَرَهَا، أو دعا لكاتِبِهَا.
وَأَسْألُ اللهَ أَنْ يَـجْعَلَ هَذِهِ الرِّسَالةَ نُورًا في قَبْرِيْ عِنْدَمَا أَخْلُو بِعَمَلِيْ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيْزٍ.

اللَّهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي وَاعْزِمْ لي عَلَى رُشْدِ أَمْرِي
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ
وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ
وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي
أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ
لا إِلهَ إِلا أَنْتَ

وَقَدْ تَـمَّ تَـحْرِيْرُ هَذِهِ الرسَالةِ في 28 تموز عَامَ 2017.
كَتَبها رَاجِي رَحْمَةِ اللهِ وَعَفْوِهِ
الفَقِيْرُ إِلى اللهِ
أَبُو الطَّيِّبِ يُوسُفُ الـمُنَاوِيُّ